كيف نخرج من التيه ؟

0


ولعل سؤالا يعترض حديثنا قائلًا : من أين لعلماء المسلمين في ذلك الزمن ، هذا التفوق العلمي ،وذلك النضج المبكر  فيما جاؤوا به من أفكارهم ومفاهيم ؟!.
يمكننا أن نقدم الإجابة على هذا السؤال في جملة من الأسباب تظهر بوصفها سمات تميز بها المسار المنهجي لبحوث التراث العربي ،وهذه السمات كالآتي :
-      السمة الأولى : أنه  انبنى على استيعاب الروافد السابقة له ، إذ قد استفاد  من كل ما توفر لديه عندئذ من مناهل التراث الإنساني التي تمثل ثمار المواريث الهندية والفارسية واليونانية ،وبا ستيعابه لثقافة السالفين  اكتسب بعدًا إنسانيًا كان به حلقة تواصل وامتداد على مساق الحضارة البشرية "([1])
السمة الثانية : أنه قد استند إلى جانب استناده إلى مبدأ الاستيعاب والتمثل  للروافد السابقة – إلى مبدأ الخصوصية من حيث إنه تفرد بشمائل نوعية ، فلم يكن مجرد جسر أو قناة تعبرها ثمرة الحضارة السابقة ،وهذا السمة مرجعها إلى الطابع الإسلامي ، الذي نقل العرب في ضوئه مواريث السالفين ،وعلى ضوء هذه الخصوصية النابعة من الطابع الإسلامي استطاع التراث أن يتجاوز ، في دروسه ، كثيرًا من معطيات الفكر الغربي المؤطرة بمعتقدات الفكر المادي الحر ، ذلك الفكر الذي قامت على أسسه الحضارة الغربية ،ويكمن هذا التجاوز عند علماء التراث ومفكريه في اهتدائهم في كل ما أنجزوه وأبدعوه من فكر وعلم وفن وحضارى – بأصول الإسلام ومعتقداته المستمدة من الوحي الرباني "([2])
السمة الثالثة :هي تلك الروح العالية التى عرف بها علماء المسلمين في بذل أقصى الجهود والطاقات في طلب العلم وتحصيله ،وفي التفاني في خدمة الإسلام ،وفيالتضحية بأغلى ما يملكونه في سبيل نشر تعاليمه والحفاظ عليها ، هذه الروح التي امتدت بظلالها فيما تناوله التراث من معارف وعلوم فأثمرت جهودًا فائقة في البحث والنظر ماكان ليوجد لهانظير في الأمم الأخرى "([3])





[1] - الطيب دبه : التفكير السيميائي في اللغة والأدب دراسة في تراث أبي حيان التوحيدي ، ص19
[2] - المصدر السابق ، ص20.
[3] - نفسه ، ص20. 

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)