الصورة لغة : قال الخليل:" صوَّرت صورة وتجمع على صور "([1]).
وقال
ابن منظور في بيان حقيقة الصورة أنها :" حقيقة الشيء وهيئته وصفته"([2]).
ويقول ابن فارس: "الصورة صورة كل مخلوق، والجمع
صور، وهي هيئة خلقته. والله تعالى البارئ المصور، ويقال: رجل صير إذا كان جميل
الصورة، ومن ذلك الصور: جماعة النخل، وهو الحائش، ولا واحد للصور من لفظه."([3]).
يتضح
من ذلك، أن الصورة في التأسيس اللغوي تدل على هيئة الشيء، وهذا المعنى ليس بعيدًا
عن الدلالة الاصطلاحية، لذلك عندما نقف على مفهوم الصورة كمصطلح فني نرصد هذا
الأمر بوضوح.
الصورة اصطلاحًا:
يعرض
الجاحظ لمفهوم الشعر عنده، فيذكر الصورة
كمكون ثالث، فيقول:" الشعر صياغة وضرب من النسيج وجنس من التصوير"([4]).
إلا أن عبد القاهر الجرجاني
في تناوله لمفهوم الصورة يرى أن الكلام نوع من التصوير، فيقول:" ومعلوم أن
سبيل الكلام سبيل التصوير والصياغة وأن سبيل المعنى الذي يعبر عن الشيء الذي يقع
التصوير والصوغ فيه، كالفضة والذهب يصاغ منهما خاتم"([5]).
وفي
العصر الحديث نجد أن النقاد أولوا الصورة مكانة كبيرة ، معتمدين في ذلك على أن
التجربة الشعرية تتمحور حول مدى قدرة
الأديب على تصوير المعنى المراد إيصاله للمتلقي، وفي سبيل ذلك يقول غنيمي
هلال:" الوسيلة الجوهرية لنقل التجربة"([6]).
كما
يؤسس أحمد حسن الزيات المعنى ذاته، فيقول : "إبراز المعنى العقلي أو الحسّي
في صورة محسوسة، والصورة الشعرية خلق المعاني والأفكار المجردة والواقع الخارجي من
خلال النَّفس خلقاً جديدًا"([7]).
ويرى
عبدالقادر القط أن الصورة الشعرية هي حصيلة التجربة الشعرية، وما تتكون منه،
كاللغة والإيقاع، وغير ذلك، وأنها على " الشكل الذي تتخذه الألفاظ والعبارات
وبعد أن ينظمها الشاعر في سياق بياني خاص ليعبّر عن جانب من جوانب التجربة الكاملة
في القصيدة مستخدمًا طاقات اللغة وإمكانياتها في الدّلالة والتّركيب والإيقاع
والحقيقة والمجاز والتّرادف والتّضاد والمقابلة والتّجانس وغيرها من وسائل التعبير
الفنّي"([8]).
وقد
أشار إلى ذلك المعنى أو قريب منه أحمد الشايب، حيث يقول : "إنّ الصورة
الشعرية هي المادة التي تتركب من اللغة بدلالتها اللغوية الموسيقية ومن الخيال
الذي يجمع بين عناصر التشبيه والاستعارة والكناية والطباق وحسن التعليل"([9]).
في
حين يعتبرها جابر عصفور "الجوهر
الثابت والدائم في الشعر وهي طريقة خاصة من طرق التعبير أو وجه من أوجه
الدلالة" ([10]).
ويؤكد
على ذلك، على الغريب حين قال: الصورة :" ركيزة أساسية من ركائز العمل الأدبي، فهي تمثل جوهر
الشعر، وأهم وسائط الشاعر في نقل تجربته والتعبير عن واقعه"([11]).
فهذه هي الصورة،
وهذه مكانتها في التجربة الإبداعية، إذ إنها " الدليل على مهارة الشاعر في
استخدامه للمفردات اللغوية سواء في مجال التعبير عن المعاني في لغة شعرية مباشرة
أو التعبير عنها في صورة شعرية، وإيثار اللغة المجازية في اللغة المباشرة "([12]).
وهي
تدل دلالة مباشرة على مدى إحساس الكاتب بالواقع من حوله، وتصوير ذلك الواقع في
لوحات فنية تؤدي الدلالة بصورة أعمق لدى المتلقي ، مما يقودنا إلى الوقوف على
الدور الذي تؤديه الصورة أو وظيفتها في العمل الفني.
وظيفة الصورة .
([1]) الخليل بن
أحمد : كتاب العين، د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار
الهلال ، ج7/150 ، مادة (صور).
([4]) الجاحظ : الحيوان ،
ترجمة: عبد السلام هارون، ط 2، مكتبة مصطفي البابي الحلبي ،1965 م، ج 3/ ص 131-132
.
([5]) عبدالقاهر
الجرجاني: دلائل الإعجاز، ترجمة: محمود محمد شاكر، ط 3، مطبعة
المدني، القاهرة، 1992، ص 29.
([10]) جابر عصفور:
الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب، ط 3، دار المعارف،
مطبعة القاهرة، الجديدة،
مصر، 1973 ، ص5.