مذكرات السيد حافظ ومأساة المثقفين "دراسة في حفريات الثقافة"د ياسر جابر الجمَّال ، أستاذ الأدب والنقد، 2023م .

0


 إن الكاتب الكبير " السيد حافظ " عندما يقدم لنا مذكراته وتجربته في الحياة فإنه يُؤسِّس لنا صورة صادقة ومرآة واضحة عن مسيرة الثقافة والفن، وسواء كانت هذه المواقف تتعلق به أو بغيره من الشخصيات المرموقة والمؤثرة في أُمّتِنَا فإنها أخذت حيزها العام في الانطلاق والتشابك مع الواقع من حولها في أنساق وسياقات متعددة، ولذلك فإننا نقول: إن الكاتب الكبير " السيد حافظ " عندما يَعْمُد إلى كتابة مذكراته ومسيرته العلمية والثقافية، فإن هذا ليس عملًا سهلا وميسورًا، فمن  الصعب أن يكتب شخص ما مذكراته أو مسيرة حياته، إذ إنها قضية شاقة وعسيرة، تتطلب أمورا كثيرة ودقيقة، فهي في الأصل شهادة من هذا الشخص على حقبة من مجريات التاريخ وأحداثه بالصواب أو الخطأ.

وسواء أكانت هذه المذكرات لنا - أي كأُمّة - أو لغيرنا فهي تفيد الأمة بالضرورة، فعندما نتحدث عن مذكرات "السيد حافظ"،  وهو من  قادة الفكر والثقافة في أمتنا العربية ومن الأشخاص الذين لهم دور محوري في الحياة، نجد أنها تُقَدِّم لنا أمورًا عِدّة..

أولها: إن الكاتب الكبير " السيد حافظ " يريد أن يُدوّن تجربته في الحياة، ويرى أن من الأمانة ذكر الأمور على حقيقتها ولا يخون عقله.

ثانيًا: تعليم الأمة كيف يفكر الرموز والنخبة الثقافية من خلال تلك المذكرات والوثائق، وتَعلُّم طريقة معالجتهم للقضايا من خلال عرض مواقف مشابهة واجهتم وتعاملوا معها، وهذه قضية مهمة في توراث الأجيال.

ثالثًا: إن  الكاتب الكبير "السيد حافظ" لديه ربط عميق بين القضايا، كما يتناول أمورًا ذات أبعاد كثيرة تهدف في نهاية الأمر إلى استنهاض العقل والفكر وفق رؤية تجديدية، سواء أكانت تلك الرؤية التجديدة في مجال المسرح أو الرواية أو الثقافة والفكر بصورة عامة.

رابعًا: كذلك فإننا  نرى في مذكرات الكاتب الكبير "السيد حافظ"  انفتاحًا معرفيا، وقراءة متنوعة للعديد من المواقف والشخصيات، كما أنها تعطي تقييمات لمشروعات ومواقف متعددة ومتنوعة في الثقافة والفن، وهي بذلك تفتح مجالا واسعًا للحراك النقدي والمنهجي في حياتنا الثقافية، وإعادة قراءة للمواقف والأراء والشخصيات، وهذا على امتدادها في كافة الأجزاء .

أما إذا عُدنا إلى الجزء الثالث من  مذكرات  الكاتب الكبير " السيد حافظ" الذي نحن بصدده الآن، فإنه يطرح علينا مواقف عديدة في مأساة المثقفين، وفصولا من الزَّيْف ونُكران الجميل، كما إنها تعرض لنا الصورة الحقيقة التي ينبغي أن يكون عليها الكاتب أو المثقف ، وتعرض في اللوحة المقابلة صورا من الوهم والزيف والخداع.

وإنني أظن أن المواقف لدى الكاتب " الكبير السيد " حافظ قد اكتملت، فهو يؤرخ  لنا حلقات من  التاريخ  الثقافي، ويتحدث إلينا من منظور تاريخي ثقافي تتشابك فيه الأحداث والشخصيات والمواقف بغية أن يضع أيدينا على الحقيقة، حتى لا نضل في متاهات التاريخ.

وفي هذه الدراسة التي تنهض على مجموعة محاور تسهم في تقديم قراءة مغايرة لتلك القضايا وتسليط الضوء عليها وفق رؤية تكاملية في قراءة الحدث والموقف. 

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)