الكاتب
هو الضمير الحي، وهو البوصلة في الصحراء والمتاهة، هو المصباح في عتمة الظلام،
و" السيد حافظ " في هذه المساحات يؤكد لنا دائما على تلك المعاني
ويسترسل في تأسيس هذه المفاهيم حول فض الاشتباك بين الكاتب الحقيقي ووهم الكتابة
والمعرفة والحالة الثقافية المزيفة التي يعيشها كتير من البشر، فالكاتب الحقيقي
والمثقف هو :" من يملك قَدْرا من الثقافة التي تؤهله لقدرٍ من
النظرة الشمولية، وقدرٍ من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه، وهو منخرط في
جميع المشاكل ولا يأبه للمطبات التي قد يسقط فيها، كما يستطيع أن يفكك تناقضات
المجتمع والصراع القائم فيه وأن يرصد العوامل والعلل المؤدية / المتحكمة في أي
ظاهرة او افراز/ تقيح معين، لتحقيق هذا الغرض طبيعي أن يمتلك الأدوات والآليات
المنهجية ورصيد معرفي يجد منهله في كل الأنساق الفكرية والفلسفية والعلمية تمكنه
من أن يحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام
بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظامٍ أكثر إنسانية، وأكثر عقلانية، نظام تسوده المحبة
والاخوة" ([1])
هذا
هو الكاتب الحقيقي الذي يمارس المعرفة والثقافة بصورة حقيقة بعيدة عن الزيف،
والخداع، والوصولية، والنفاق.
كذلك
نجد على الضفة الأخرى من النهر حالة من الغثائية الثقافية، والازدواجية المقيتة في
المشهد الثقافي رسم لها " السيد حافظ " لوحة بقلمه عندما قال: "الصفحات السوداء وما أكثرها!!
التاريخ الفني أغلبه صفحات سوداء، هذه الصفحات السوداء هي التي أثرت سلبا على
المسرح في جميع الوطن العربي، هي التي جعلت البحرين تقف مكانها رغم ما عندها من
كوادر هامة جدا في مختلف المجالات الفنية، وما حدث في البحرين حدث مثله في قطر، كل
هذا بسبب فشل الإدارات، وهذا الخلل الإداري موجود أيضا في الكويت، فرق الكويت
المسرحية الأربعة لا تعمل!!.....و
إذا كان في المسرح
عيب فهو منا، من الإدارات الساقطة، يجب أن نلتفت للصفحات السوداء ونمحوها، الفن
ليس على ما يرام والسبب في هذا الإدارة الفاشلة والجماهير الصماء، ما يسمونه هذه
الأيام بـ ( مسرح مصر ) ليس مسرحا!!، وما يسمى بـ ( مسرح السعودية ) ليس بمسرح أيضا بل هراء!! السعودية
ومصر حافلان بالمؤلفين والكُتّاب والمخرجين العظماء، نحن نحتاج إلى يقظة !!" ([2])
هذا
الفشل، وهذه الغثائية والتراجع في الميدان الثقافي ناتج عن المثقفين المزيفين
الذين هم في الأساس مجموعة من الانتهازين، والمثقف الجوكر، والبراغماتي، الذين
يتسولون على كافة الموائد باسم الثقافة والفن وإعادة تقييم الموقف.
إنني
أرى أن:" المثقف هو رهان المجتمع المتحضر، ورهان المستقبل الواعد، وتقع عليه
مسؤولية تاريخية نابعة من وعيه في ضوء تشخيصه للواقع وضرورات هذا الواقع. على سبيل
المقارنة نرى أن المثقف في العالم الغربي هو الذي يسهم بصورة فاعلة بإنشاء الدولة
وتطويرها ونقدها وتقييمها، فهل المثقف في عالمنا العربي يقوم بهذا الدور؟ أم أن
الدولة هي التي صنعته وأوجدته وأسهمت بتكوينه، وبالتالي نشأ لديها مثقفون موظفون
لديها، وليسوا مثقفين مستقلين أو صانعين لها، أو حتى مشاركين في صنعها وتكوينها،
وعلى مدى التاريخ كان زمام القيادة الفكرية والحضارية بيد المثقفين. وفي ظل التحولات
التاريخية والحوادث الاجتماعية الكبيرة كان للمثقفين الدور الكبير والبارز في
قيادة الناس وتنويرهم ودفع عجلات هذه التحولات والتغيرات. إذ إن المثقف الحقيقي،
أي المثقف المفكر، يجب ألا يكون تابعاً ومُنقاداً لغيره، بل يجب أن يكون متبوعاً
من الآخرين. فالمثقف وباستمرار يتقدم الصفوف، ويقدم التصورات والأفكار والحلول
" ([3])
([1]) عبد الرحيم النهاري استاذ لمادة الفلسفة: المثقف الملتزم والمثقف المزيف، موقع زيوسي نت ، يونيو 14, 2017م، متاح على الرابط الآتي : https://zaiocity.net/