في بداية من
نوع الفلاش باك أو استدعاء الماضي من أجل محاكمته وتصحيح الواقع، يقدم لنا " أسامة
أنور عكاشة " رائعة (عابر سبيل )، التي
تتمحور حول الإتفاق بين " نوح ومحمود أبو ثريا مع إسماعيل على
أخذ مبلغ ربع مليون جنيه لمدة يوم واحد لكي يتاجر في العملة ولكن غدروا به ويُسجَن
إسماعيل ويموت قبل الحكم ويأتي نوح إلى فيلا جميل ويحكي ما حدث".
المسلسل التليفزيوني الذي عُرِض عام
1983م، بطولة: عبدالله غيث، يحيى الفخراني، نسرين، هالة صدقي، خيرية أحمد، أحمد راتب،
لطفي لبيب، شوقي شامخ، سامح الصريطي، وفايق عذب. إخراج: سامي محمد علي.
إن القراءات التي يقدمها هذا العمل
الدرامي غَنيَّة ومتنوعة، وتصرخ في فضاءات متعددة مُعْلَنةً: أدركوا الخطر !!
الخطر الذي يتمثل في الغش والخداع
والسرقة والنهب ؟!!
أم الخطر الذي يتمثل في الفجوة الحقيقية
بين الواقع والقيم التي نقرأها ونتعلمها في الكتب والجامعات ؟!!
أم أن الخطر يتمثل في مجتمع جاهل يسير
وفق ما تمليه عليه شهواته ونزواته دون اعتبارات أخلاقية أو مُثُل عُلْيا وقيم
توجهه إلى اختيار الصواب ؟!!
أم أن الخطر يكمن في انزواء رُوّاد الفكر
والثقافة وهُداة الطريق عن معالجة قضايا الواقع، وحدوث الفجوة بين عالم الفكر
المثالي – المدينة الفاضلة – وبين تطبيق ذلك على أرض الواقع ؟ّ!!
وربما يكمن الخطر
في التعامل مع الواقع من منظور مثالي وفق أُطُر علمية بحتة مع إغفال طبيعة ومحدات
هذا الواقع على كافة الأصعدة، فكانت النتيجة كما أوردها المؤلف في نهاية العمل ؟!!
اشكاليات متعددة تنبعث من
هذا العمل وضعها الكاتب الكبير "أسامة أنور عكاشة" أمام المتلقي –
المشاهد – بكافة مستوياته، سواءً أكان المشاهد التقليدي أو المتخصص في مجال النقد
الدرامي، أو الشخص الاستثنائي في كافة المجالات .
ربما الصوت الذي يخرج
منها يضع كل إنسان أمام مسؤلياته التي هي مَنُوطة به، سواء أكان ذلك عابر السبيل
الذي جاء من الماضي ليكفر عن خطيئة من زمن فات أو ربما يكون سببا في بعث روح
الفضيلة وتصحيح المسار لدى فئات متعددة ومستويات مختلفة في المجتمع، وهذا ما
يحتاجه الجميع.