كانت أول
معرفتي به من خلال أثير إذاعة القرآن الكريم، في برنامج قصة في حديث الذي كان
يقدّمه الإذاعي رجب خليل، ابن محافظة البحيرة – قرية بيبان، مركز كوم حمادة. كان
البرنامج يُبث في حدود الساعة التاسعة والربع صباحًا، وكنت حينها في مرحلة
الثانوية العامة عام 2006م.
هذه كانت
البدايات التي تردّد فيها اسم الدكتور حلمي محمد القاعود على مسامعي. كما كان اسمه
يُطرح في برنامج آخر متعلّق بالفتاوى، وكنت أظنّه أحد علماء الشريعة – الفقهاء.
لكنني في عام 2013، وأثناء دراستي للماجستير في كلية الآداب بجامعة طنطا، فوجئت
بوجوده في قسم اللغة العربية، وتحديدًا في تخصّص الأدب والنقد. وكانت هذه هي
المرّة الأولى التي أشاهده فيها وجهًا لوجه.
حلمي
القاعود، ذلك العالم الكبير الذي ملأ الدنيا ذيوعًا وتأثيرًا عبر مقالاته وكتاباته
المتعددة والمتنوعة على أنساق شتّى، يجالسنا ويدرّس لنا مادة الأدب الحديث، ويعرض
موضوعات متعلّقة بالرواية العربية من خلال كتابه الذي تناول فيه عشرة أعمال روائية
لعشرة كُتّاب عرب، على رأسهم نجيب محفوظ، ومحمد خير الذهبي، وألفت الإدلبي،
وغيرهم.
كنتُ في
البداية أرغب في التخصص في الإسلاميات، لكنه قال لي: نحن عندما احتجنا وزيرًا
للثقافة لم نجد أحدًا، فلا تهرب وتختار السهل. فوقَع اختياري على الأدب والنقد.
يمثّل حلمي
القاعود امتدادًا لأنور الجندي وغيره من الكُتّاب المهمومين بواقع أمّتهم منذ
نعومة أظفارهم حتى الممات. وهو علامة فارقة في مسيرة الأدب والنقد والإبداع
العربي.
لقد رحل عن
عالمنا الدكتور حلمي القاعود، بعد أن ترك بصمة مهمّة في مجال الإبداع والمعرفة،
سواء ما يتعلّق بالأدب والنقد أو بالفكر والقضايا المحورية التي شغلت عقل الأمّة،
من خلال صرير قلمه الممتدّ عبر خمسة عقود، أو من خلال اللقاءات المرئية والمسموعة
التي قدّمها.