. تعرَّض الإمام البخاري لاضطهاد شَديد في نهاية حياته من حكام المُدُن الإسلامية في شرق العالم الاسلامي وتحديداً؛ نيسابور، بخارى، سمرقند ..
. لأسباب كثيرة منها :
1- رفضه تعليم أولادهم في قصورهم .
فكان يرفض الذهاب للسلاطين ويقول : العلم يؤتى ولا يذهب به للابواب .
2- حسد البعض من شهرته وسيرته .
وغيرها من الأسباب الأخرى ..
. لمَّا بلغ الإمام البخاري 62 سنة وصلته أوامر حاكم نيسابور أن يُغادر المدينة وأنه غير مرغوب فيه، فهاجر منها حتى وصل مسقط رأسه بخارى ، فاستقبله الناس على أبواب المدينة و نثَروا عليه الأموال والسكر ..
. لكن سُرعان ما غضب من شهرته حاكم بخارى ووصلت كذلك رسائل من حاكم نيسابور بضرورة طرد الإمام من بخارى أيضاً كما سبق وطرد من نيسابور ..
. فوصل مَبعوث حاكم المدينة لبيت الإمام البخاري يطلب منه وبشكل عاجل ان يترك المدينة، وكانت الأوامر ان "الآن" يترك المدينة، لدرجة ان الإمام لم يمهل ان يجمع كتبه ويرتبها، فخرج من المدينة ومكث على مشارفها في خيمة له ثلاثة أيام يضبط كتبه ويرتبها ولا يعرف أين يذهب ؟!
. ثم تحرك الإمام البخاري ناحية مدينة سمرقند، لكنه لم يدخل المدينة نفسها بل اتجه نحو قرية من قُراها اسمها خرتنك ليَحِلّ ضيفاً على أقاربه هناك بمرافقة ابراهيم بن معقل
. ولم يمرّ وقت طويل حتى وصل الحرس لأبواب البيت الذي نزل فيه الإمام، وأوامرهم من حاكم سمرقند هذه المرة؛ أن لابد أن يخرج الإمام البخاري من نواحي سمرقند و قُراها !!
. وكانت هذه ليلة عيد الفطر، لكن الأوامر ان يخرج "الان" وليس بعد العيد، فخشي الإمام ان يتسبب باي ضرر لاقاربه الذين اكرموه، فرتب له إبراهيم بن معقل الكتب فوق دابته الأولى وجهز الثانية ليركب عليها الإمام ..
. ثم عاد ابن معقل للبيت وبدأ يخرج الإمام البخاري وهو يتحامل عليه، وهما يمشيان باتّجاه دابة الركوب، وبعد ما يقارب الـ 20 خطوة، شَعرَ الإمام البخاري بالتعب أكثر فأكثر، فطلب من ابن معقل أن يمهله دقائق ليستريح ..
. جلس الإمام البخاري بجانب الطريق، ثم نام .. وما هي إلا دقائق عندما أراد ابن معقل ان ييقظ الإمام وجده قد فاضت روحه الى الله رحمه الله تعالى ..
. مات الإمام البخاري على جانب الطريق ليلة عيد الفطر يوم 1 شوال عام 256 هجرية .. وهو مطرود من مدينة واخرى وثالثة وقد تجاوز عمره ال 62 سنة .. مُحتسباً لله عز وجل، ولا حول ولا قوة إلا بالله .. وليس مُنعماً في القصور ولا الأموال ولا الجاه ..
. لا يعرف احد من الناس اليوم اسماء حكام نيسابور وبخارى وسمرقند .. لكن الجميع يعرف الإمام البخاري .
{رحم الله الإمام البخاري ورفع درجته في المهديين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين }
. سير أعلام النبلاء ج12 - ص468
 


 
