يقول علي شريعتي :
لقد مسخت كثير من القضايا التي تطرح في العالم وحرفت بطريقة بشعة بحيث اكتنفها الغموض أحياناً ولحقها الخطأ. وقد طرحت قضية المثقف بيننا في ظل هذه الظروف نفسها، حتى مصطلحها نقل إلى لغتنا خطأ . فأخطأنا من البداية في استخدام الصفة التي البسناها للمثقف، وبالتالي جرى علينا الخطأ تماماً في تفسيرنا لأنفسنا كمثقفين. فالكلمة التي تعادل ما عبرنا عنه بالمثقف في لغتنا هي في اللغة الأوروبية Inteligentsia وهي اسم مصدر، والصفة منها هي : Intellectuel وأصل الكلمتين معاً تعني الفطنة أو Intellect وكلمة . Intelligence أو Intellect : هو الذكاء أو العقل أو قدرة الإدراك والفهم والاستنتاج، ومن ثم تعني الصفة منها : العاقل المتفهم وتطلق على الرجل الذي يحسن التفكير، ومن ثم تطلق على أهل الفكر أو Intelligentsia على شريحة من المجتمع تكون من صفاتها المتميزة البارزة هي استعدادها الفكري والعقلي وذكاؤها. هذا هو معنى المصطلح
لغويا. وعليه فكل إنسان ذكي يبرز ذكاؤه وفكره وفهمه عن سائر مواهبه الأخرى في حياته ومجتمعه فهو مثقف .
والمثقف اصطلاحاً - وهذا هو موضوع بحثنا - كلمة تطلق على فرد من طبقة أو شريحة معينة تقوم بعمل عقلي. فنحن نصنف طبقات المجتمع اعتباراً من نوع العمل الذي تقوم به كل طبقة، ونوع النشاط الذي تقدمه للمجتمع، ومن هذه الناحية قسم المجتمع عموماً إلى مجموعتين. الأولى تقوم بأعمال يدوية أو بدنية، والثانية تقوم بأعمال عقلية أو فكرية، فالذين يزاولون أعمالاً بدنية كالعمال يبذلون مجهوداً عضلياً أو بدنياً، أما أولئك الذين يقومون بأعمال فكرية كالكتاب والشعراء فهم يعملون بعقولهم، وهؤلاء هم الذين نلقبهم بأهل الفكر أو المثقفين.

