الخطاب أداة توصيل تتولى نقل المضامين الفكرية، والسياسية
والمشاعرية من المعطي – الخطيب- إلى المتلقي – المخاطب- ، وما من حركة سياسية، أو
ثورة جماهيرية، أو دولة قوية إلا ولها خطيب يتولى طرح أهدافها، وتحديد آليات
تحقيقها ويحذر من الأخطار المحدقة بها.
لحظة الخطاب هي لحظة الكلام التي تمنح المعطي
قوة التأثير في المتلقي، وملكة النفوذ إلى عمقه، ويشعر معها أنه بقدر ما ينطلق من
عمقه كخطيب سينفذ إلى عمق المتلقي كمخاطب، ولا تتأتي له ذلك ما لم يتمتع بوعي مركب،
وعي المبادىء التي يدعو لها ... الواقع الذي يحيط بشعبه ... المخاطر المحدقة
به.... الطموحات التي يتطلع إلى تحقيقها، والبرامج التي تتكفل بإحداث النقلة
النوعية المنشودة، وكذلك وعي البنيوية الخطابية التي تمتزج فيها مفردات اللغة بدقة
المفاهيم، وصدق المشاعر باتجاه التقارب الجاد لأحاسيس الناس.
العطاء والأخذ كمادة للتداول، والمعطي والمتلقي
كأطراف للتداول، لا يشكل ذلك بقرار، أي حين يجالس الإنسان من هو أكثر منه ثقافة
وأسبق تربية، لاشك أنه أمام واقع التلقي، إذ لايوجد معط مطلق ودائم ومتلق مطلق
ودائم؛ لأننا لسنا معصومين أو ملائكة، إنما هي نسبية تحكم الطرفين "