صراع المطامع على أرض الإسلام .

0







 المسلمون الآن في مراكز حرجة تقع بهم المآسى وتلاحقهم الإهانات. فما يخرجون من غمة إلا ليدخلوا فى مثلها أو أنكى منها. كل ذي قوة في الأرض يفتات عليهم، وكل ذى مأرب يتجه إليهم، وبلادهم تدور فيها رحى المطامع، وينتجعها الرواد من كل صوب وحدب. شأن أي مكان ممرع أغفى أهله وذهب حراسه. والإسلام ـ تبعا لأصحابه ـ يلقى العنت وتكتنف مستقبله الصعاب. ونحن لا نذكر متاعبنا هنا لنقنط من زوالها أو نستكين لبقائها.

 فإن الاستسلام للهزائم لا يقول به رجل، مسلما كان أو كافرا. أجل، إن الرجولة المجردة تتحمل المكاره فكيف إذا اصطبغت بالإيمان، وفاض في نواحيها اليقين والأمل؟؟ ألا تفعل العجائب؟؟ عندما سقطت الدولة الإسلامية فى القرن السابع على أيدى التتار المغيرين لم تفن هذه الأمة ولا ضاع دينها، بل لم تمض أيام طوال حتى ذاب التتار عليهم فى غمار المسلمين، فطوتهم الأوطان الإسلامية وفرضت عليهم دينها وتقاليدها. ثم مضت أيام أخرى فإذا المغيرون الأوائل يتولون جندا للإسلام، ويمدون أمته بعناصر جديدة، بادية الحماس، شديدة الوطأة. وبديهى أن الفاتحين الذين اعتنقوا دين المغلوب وأعجبوا بتقاليده لم يفعلوا فلك إلا لأن الأمة التى انهزمت عسكريا ظلت من الناحية العلمية والاجتماعية أرجح كفة من الغزاة المزهوين. وأحسب أننا ـ وسط الدائرة المعتمة المحيطة بنا ـ يجب أن نبنى سياستنا الإسلامية على أمرين متكاملين : هما المنفذ الوحيد من هذا الحصار الخانق. ولأبدأ بآخرهما ترتيبا، وهو إحسان الصلة بالناس. إن الذين يخلفون وراءهم أحقادا اجتماعية عنيفة يدمرون على أنفسهم وعلى رسالتهم، ولو كانت قوى البر والبحر تظاهرهم! 

 ونحن المسلمين أولى الناس طرا بالاعتماد على الحكمة والجدال الهادئ والإقناع الكريم فى عرض قضايانا المعقدة وقضايا ديننا المظلوم. نحن أجدر بذلك ـ ولو كنا مدججين بالسلاح ـ من رءوسنا إلى أقدامنا.. أما إذا كان السلاح ومصانعه عند خصومنا فإن التحدى الطائش لون من الانتحار فوق أنه ضرب من العصيان، ولا أحب أن يفهم امرؤ من هذا الكلام أنى من أتباع غاندى فى سياسة المقاومة السلبية، أو أنى ألاين الغاصبين وأنسى ضراوتهم بنا وبإخواننا فى كل قطر. كلا كلا . إننى أرى باطن الأرض خيرا من ظهرها إذا لم نعش أعزة بديننا، بل إنى من دعاة الاستقتال دون أن تطيش غايتنا وتهون مقدساتنا. والروح أرخص ما يدفع غضبا لله وذيادا عن حقوقه. هو أرخص ما يدفع ولو فى معركة لا تكافؤ بين أطرافها، نحمل فيها العصى ويحمل أعداؤنا فيها قنابل الذرة المتفجرة! 


محمد الغزالي : من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)