تفكيك العقل الوهمي والانتماء المزيف .

0



يقول أستاذنا العلامة الشيخ الدكتور محمد الغزالي السقا رحمه الله
:"والأمة التى تنظر إلى معالم وحيها ببرود ، وقلة اكتراث ، أو التى تغلبها أهواؤها فتنسى ما كلفت به وتمضى وفق هواها لا وفق هداها، أمة ليست أمينة على رسالة الله ، ولا جديرة برعايته .. وقد حكى القرآن لنا ما هدد الله به قديما بنى إسرائيل حتى نعرف سرا من أسرار سخطه على الأمم . وعندما أطيل النظر فى أحوال العرب اليوم أجد علل تأخرهم ظاهرة .. لأن انتماءهم إلى الإسلام قشرة رقيقة على كنود غليظ !! الناس يؤدون أعمالهم وكأنهم ممثلون لن يأخذوا أجرا ، فلا إتقان ، ولا إخلاص ، ولا جد ، ولا تضحية ..!! أسلوب الأداء خلو من العاطفة الحارة بل العقيدة الدافعة .. التكاذب المستمر هو العملة المتبادلة ، والتجهم للحقيقة أساس في السلوك العام . . وسائق السيارة يجب أن يلقب بالمهندس ، والحلاق بالطبيب ، والساعى بالريس إلخ . وجنون الرياء والظهور يفتك بالأفراد والأسر والطوائف .. والغرائز الجنسية تقتحم السدود المفتعلة ، وتسلك آلاف الطرق المعوجة ، بعد أن هجرت الحلول الصحيحة لمشكلاتها ! وضعف الشخصية يستقدم فنونا من تقليد المنتصرين في الشرق والغرب ، ويجعل المجتمع العربى خليطا من المضحكات المبكيات يندى له الجبين .. 

 إن الإسلام عنوان غير صحيح للأمة الإسلامية المترامية الأطراف، وللأمة العربية التى تتولى بحكم لغتها مكان القيادة لجماهير المسلمين.. وقد نجح الاستعمار الأجنبى في :

 ا- ألا نأخذ ما أوتيناه بقوة . 

2- وألا نذكر ما فيه . ومن هنا استطاع أن يصرفنا عن لباب ديننا، وأن يسلينا بالقشور الفارغة، وأن يدفعنا على مر الأيام إلى الخلاص منه، والارتداد النهائى عنه.. وأخطر ما بلغه إيجاد مجتمعات خالية من فضائل العقيدة وروابطها والويل لأمة تمارس شئونها المختلفة، وأمرها فرط، وقلبها خرب، وعقلها هواء..

 وربما كانت سنة الله فى الأولين تخويفهم بالخوارق حتى يرعووا، ورفع الجبال فوق رءوسهم كى يزعجهم فيستقيموا . ولكن الله لم يرفع جبال "البرانس" فوق عرب الأندلس حتى يدعوا مجونهم وفجورهم ، فإنه ترك بين المسلمين كتابا يقول لهم: (…من يعمل سوءا يجز به …) 

فلا جرم أن يطردوا من ديار لم يحسنوا الخلافة عن الله ورسوله فيها!! 

إن القرآن كتاب صارم الحكم على أبنائه وأعدائه جميعا وعندما زعم أهل الكتاب السابقون أن الجنة حكر لهم ، مهما كانت أعمالهم ، كذب الله هذه الأوهام، وكشف أنه لا يستحق كرامته إلا من اتجه إليه بالعمل الحسن (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) . فإذا كان العرب لا يولون وجوههم شطر دينهم ولا يتحرون إحسانا فى أمورهم فهل يتوقعون إلا المخاوف والأحزان ؟ فى الأمم الجديرة بالحياة والنصر يؤدى الواجب برغبة باطنة، ودقة ظاهرة، وينطلق الكبار والصغار إلى وظائفهم وحرفهم بباعث من الشوق، لا بسوط من الرهبة، ويتنافس المتنافسون فى إحسان ما بأيديهم ابتغاء وجه الله ومثوبته، وإخلاصا للأمة ومستقبلها، قبل أن يكون شىء من ذلك نظير قروش أو جنيهات .. وقد كان العرب الأولون- تمشيا مع تربيتهم الدينية الأصيلة- نماذج رائعة فى هذه المجالات، فلما شبت الأجيال الأخيرة فى غير منابتها وأعوزها معنى الإيمان والشرف فى حركتها وسكونها، خانها التوفيق فى الحرب والسلم، فى الداخل والخارج !! وما أشك فى أن العرب يتعرضون لعذاب الاستئصال إذا لم يأخذوا الإسلام بقوة ، ويذكروا ما فيه لعلهم يتقون ".


-محمد الغزالي : حصاد الغرور.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)