التأسيس المعرفي للخطاب (5). الشعور بالرسالية.

0








التدين
للتديّنِ مراتب شتى ودرجاتٌ متفاوتة؛ تبدأ على الجانب النظري من احترام المبادئ الدينية والانصياع لأوامر الدين إلى حمايته والذود عنه، وعلى الجانب العملي من معايشة الدين إلى جعله روحًا للحياة، فمثاً يؤمنُ البعضُ بما يجب الإيمان به على
حسب مستواهم المحدود من المعرفة بأمور الدين، فيؤدُّون عبادتهم وطاعتهم حسب ذلك المستوى، ومن الناس من يتناول الدين بِشِقّيه النظريّ والعملي بشكلٍ أكبر وأوسع؛ فيأتي بما أمرَ به الدين، ويتجنّب ما نَهى عنه، وفوق ذلك يحاول ألا يقترب من المشتبهات خشية الوقوع في الحرام، بل يعمل على أن تكون التقوى هي مدار حياته، أما الذين يعايشون الدين بوعي وإدراك أكبر؛ فهم يؤدون عباداتهم ضمن أطر المراقبة، ويعملون على أن يكون الإحسان هو نبراسُ حياتهم، ومن ثم فلِلتدين مراتب شتى واسعة متفاوتة كما بين الثرى والثريا، ومن المهمّ ههنا أن نقول: إن التديّن حتى وإن كان في مرتبته الأولى فهو ذو أهمّيّة حياتيّة لا يُستهانُ بها أبدًا.
الحاسية
أما الحساسية الدينية فتعني أن يراعِي الإنسانُ بدايةً المعاييرَ الدينية في حياته الشخصية ولا يحيد عنها قيدَ أنملة، وأن يُظهِر دقَّته الشديدة وحساسيّته البالغة في سبيل أن يُطبَّق الدين بين أفراد الدائرة القريبة منه والبعيدة عنه ومَن يتحلّقون حوله ويترقّبون أوامره؛ وبتعبير آخر تعني الحساسية الدينية أن يواصل الإنسان حياته في رغبة واشتياق إلى المحبوب وحساسيّته البالغة في سبيل أن يُطبَّق الدين بين أفراد الدائرة القريبة منه والبعيدة عنه ومَن يتحلّقون حوله ويترقّبون أوامره؛ وبتعبير آخر تعني الحساسية الدينية أن يواصل الإنسان حياته في رغبة واشتياق
إلى المحبوب.
الشعور.
 أما الشعور الذي يجب على المؤمن ذي الحساسيّة الدينيّة أن يشعرَ به إزاء غيره فهو: ليتني أُحدّث هؤلاء الإخوة وأوقد في قلوبهم جذوة حبّ الله، ليتني أُثير فيهم الرغبة في معيته ، ليتهم يرتقون في مدارج الدعاء إلى أن يصلوا في دعائهم إلى مرحلة من القرب يقولون فيها: "اللّٰهُمَّ عَفْوَكَ وَعَافِيَتَكَ وَرِضَاكَ وَتَوَجُّهَكَ وَنَفَحَاتِكَ
وَأُنْسَكَ وَقُرْبَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَمَعِيَّتَكَ وَحِفْظَكَ وَحِرْزَكَ وَكِلَءَتكَ وَنُصْرَتَكَ وَوِقَايَتَكَ وَحِمَايَتَكَ وَعِنَايَتَكَ".
وعلى ذلك فالمؤمن الذي يتمتّع بهذه الحساسية يسعى جاهدًا كي ينقل هذه الفكرة إلى شعب دولته بل إلى البشرية كلها ولا يقتصر على المحيط الذي يعيش فيه فحسب، بل يعمل على إثارة هذا الانفعال وإيقادِ هذه الجذوة في قلوب الجميع؛ لأن همَّه الوحيد هو توطيد محبة سيد السادات(r)  في القلوب أجمع، فإذا ما ذُكر اسم روح سيد الأنام(r) احترقَ شوقًا وحسرةً وأسًى.. ومن جانب آخر فإنه يتلوى همًّا أن يضِل هؤلاء الناس أو يزلّوا أو ينحرفوا، ويُكابدُ هذا الهمُّ ذهنَه دائمًا، فهو مشغول بهذا الأمر على الدوام، يعملُ على وضع خططٍ وحلولٍ لهذا الأمر، قائلً في نفسه: "يا تُرى! ماذا يمكنني أن أفعل حتى أجنّب الناس مواضعَ الزلل، ماذا عليّ أن أفعل؟!".. وحاصل القول: إنه يسعى جاهدًا مجتهدًا ببالغِ الدقّة في سبيل إرشادِ المجتمع، والحيلولةِ دون زيغه وضلاله ومنعه من الانسلاخ عن دينه"([1]).




[1] -  محمد فتح الله كولن: الجرة المشروخة" جهود التجديد"،ترجمة عبدالله محمد عنتر،  دار النيل للطباعة، 2017م  ص24-25. 

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)