شعوب عاملة وشعوب خاملة

0






أستحي من المقارنة بين مجالس الشوري عندهم وعندنا ،لقد تابعت المناقشات التي.  دارت بين الحكومات وممثلي الشعوب في باريس ولندن وامريكا وقارنتها بما وقع في بغداد  ،وماوقع قبل ذلك في عواصم أخري ،وشعرت بالعي والحسرة كيف أقارن بين الجد والهزل ،والقماءة والشموخ ،وسجال الاحرار وبغام العبيد.. ؟

الحكومات هناك - وجلها من رجال فارعين-تقف أمام ممثلي الشعوب وقفة المتهم أمام القضاء ،همه الأول والأخير أن يبرئ ساحته،ويعرض جهده الذي بذل فيه طاقته ،فإذا ظفر بالبراءة خرج متهللا 

أما في أغلب العواصم العربية فممثلوا الشعوب يقولون للزعيم:- 

بالروح بالدم نفديك يافلان! 

أهذه مجالس شوري؟!

وهذا الزعيم رجل واحد ،وهو يمثل العدد واحد ،ولكن الأفراد أعني الأصفارالتي تصطف علي يمينه تجعله ألفا أو مليونا أو مليارا حسب كثرة العشاق الوالهين أو العباد الفانين!!! 

وعندئذ لايفكر بعقله الخاص بل يري أنه يفكر بعقل الألوف المؤلفة التي ذابت فيه 

ومن حقه أن يقول :-أنا الشعب! 

إن المليم الواحد أمسي مليونا أو مليارا ،والويل لمن يتحداه أو يقف في وجهه. إنه لايقف في وجه مليم بل في وجه بنك عامر الخزائن يعطي ويمنع ويخفض ويرفع. 

والويل للشعوب التي تحيا علي هذا النحو،وتفني وراء هذه القيادة ،إنها تحكم علي نفسها بالموت المادي والأدبي. 

الناس في أرض الله الواسعة تشغلهم مآرب كثيرة وأهداف شتي ،هذا عالم يمشي في الطريق وذهنه سارح في قضايا علمية ،وهذا رب أعمال يكاد يذهل وهو غارق في تنميتها ،وهذا ،وهذا

لكن هناك ناسا شغلهم الشاغل كيف يقفزون؟كيف يتصدرون كيف يرأسون ويزأرون ويلبسون جلود الآساد ،وكيف يسيرون علي هامات العباد.. 

هذا النوع من الناس لايعرف إلا نفسه ،ولايعبد إلا شخصه.. 

وبدل أن يكون هذا الصنف جذاما يهرب منه الناس ،نجده في بعض البلاد المنكوبة أو المتخلفة يقوم بإنقلاب إن كان ضابطا،أو ينفق القناطير المقنطرة إن كان غنيا ،وبإسلوب أو بأخر يتولي الزعامة ثم تتكاثر الأصفارعن يمينه كما وصفنا

فإذا هو رسول العناية الإلهية الذي ينبغي التفاني في نصرته والصياح حوله:-

بالروح بالدم نفديك يافلان.! 


في الشرق العربي وغير العربي حملت الجماهير علي كواهلها هذه الأوثان السياسية وداخت تحت وطأتها فما نجت منها إلا بموت مجهز ،أو إنقلاب طارئ 

تري من المجرم؟ 

السيد أم المسود؟ 

القائد أم المقود ؟

أليس هؤلاء الذين قال القرآن الكريم فيهم : 

( ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا،ربنا أتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) 

هل مضاعفة العذاب الأخروي تغني ؟ كلا

( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون)  

أين الرجال الأحرار ؟ 

متي تتضاعف أنصبتنا منهم ؟

متي يستخفي الأقزام ويخلون الطريق لأولي النهي ؟

لانجاة إلا يومئذ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله 

- محمد الغزالي

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)