الرواية فن من الفنون الوافدة إلى الأمة العربية بصورتها التي هي عليها من حيث التكنيك أو الأدوات أو الطريقة. فهي مسألة وافدة حتى نكون أكثر وضوحًا واتساقًا مع أنفسنا، حتى وإن وُجدت كتابات تقول إن الرواية بدأت قديمًا عند محمد حسين هيكل برواية زينب. إلا أن الحقيقة أن موضوع الرواية، أو ما يُطلق عليه السرد حاليًا، وافد من الغرب بصورة مباشرة.
ورغم ذلك فإن العرب لم يكونوا يجهلون
أشكالًا قريبة من السرد، فقد عرفوا المقامات مثل مقامات الحريري، وعرفوا أيضًا
السير الشعبية مثل سيرة أبي زيد الهلالي، وسيرة بني هلال، وسيرة سيف بن ذي يزن وغيرها
من هذا المضمار. والعرب بطبيعة الحال أمة قصصية حكاءة، اعتادوا نقل الحكايات
والأخبار جيلاً بعد جيل. لكننا حين نتحدث عن السرد بصورته الحديثة، أي بما يحمله
من تقنيات وبُنى فنية كما نراها في الرواية الآن، فإن هذا الفن وافد إلينا من
الغرب.
من أبدع ما كُتب في موضوع السرد، أو
لنقل في قضايا السرد وتقنياته بصورة مباشرة، ما نُشر من دراسات تناولت الرواية من
زاوية تحليلية تطبيقية، وكذلك الدراسات التي اهتمت بتدريس تقنيات السرد وبنيته،
مثل بناء الشخصيات، والحوار، والأحداث، والزمن، والمكان، وغيرها من العناصر. وقد برز
في هذا المجال عدد من النقاد والباحثين، ولا سيما من المغرب العربي، حيث اهتموا
اهتمامًا كبيرًا بهذه المسائل
من الكتابات المهمة في هذا المجال
كتابات سعيد يقطين، إذ يُعَدّ من أبرز المتخصصين في الرواية، وقد تناول تقنياتها
وأدواتها مثل الزمن، والمكان، والبنية السردية، وتحديدًا ثنائية الأماكن المفتوحة
والمغلقة، إضافة إلى الشخصيات الرئيسة والثانوية، وأنماط الحوار، وسائر التقنيات
التي يقوم عليها "جسد الرواية" وبنيتها الفنية. كما لا يمكن إغفال
إسهامات عبد الفتاح كيليطو، على الرغم من أن تخصصه الأصيل في النقد السيميائي، إلا
أنّ له إضافات مهمّة في مجال الرواية وتحليلها.